السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تؤمن التربية الحديثة بالجهد اعمق الايمان ولكنها تؤمن به جهداً ممتعاً لذيذاً لايكاد يكون جهداً
ولايتم هذا الوئام العميق بين الجهد والتشويق الا اذا انبثق الجهد عن اهتمام صادق لدى الطفل
صادر عن تحريك ميوله ودوافعه العميقة فالطفل ليس كائناً عديم الرغبات والميول ولاهو مجرد
قربة نملؤها بما شاء وانما هو كائن ذو فضول طبيعي وذو تساؤلات ثانوية في اعماق اعماقه
انه يريد ان يعرف يريد ان يتقرى الاشياء يريد ان يستطيع ويعلم وحين نقدم له زادنا من المعرفة
فإنما نقدم له اجوبة عن اسئلة هو الذي يطرحها بحكم ميوله ودوافعه الطبيعية وكل ما في الامر
ان من الواجب ان نجعل التعليم دوماً جواباً حقيقياً عن هذه الميول والدوافع وان نقدم له عن طريق
هذا التعليم الطعام الفكري الذي يحتاج اليه وان نتخير الوقت المناسب لتقديم هذا الطعام .
وان نحن فعلنا اقبل الطفل على التعليم نهماً لا يهدا ولا تفتر له همه وقام بالجهد قصارى الجهد
ولكنه جهد خصيب ممتع لايكاد يشعر به لانه تلبية عميقة لحاجاته ورغباته .
ان الطفل لا ينفر من الجهد كما ندرك ذلك حقاّ حين نتأمله مستغرقاً في لعبته او في مشكلة
عويصة يندفع الى حلها انه على العكس يجد اللذة في الجهد حين يتجاوب هذا الجهد مع حقيقة
دوافعه والمشكلة كل المشكلة ان نعرف كيف نجعل من التعليم اداة تحريك دوافعه وان نطرح
موضوعاته بعد ان نثير الاهتمام بها ونربطها بالميول العميقة التي تحرك الطفل وان نعرف كيف
نوجد المشكلات التي تغري الطفل وتتحداه فيهب لمواجهتها ويجهد لحلها .
سوى ان تطبيق مثل هذا المبدأ في التربية لا يخلو من دقة كبيرة ويحتاج الى مزيد من الوعي
والكفاءة والى قدر كبير من الاطلاع على وسائل التعليم واساليبه ولهذا كثيراً ما يخطئه
اصحابه فلا يبلغون به مداه ويقصرون عن شأوه واذا بهم يأخدون ببعض الكتاب ويدعون
بعضاً فيحسبون ارواء الدوافع والميول دغدغة للكسل ومضياً مع الراحة ويتوهمون التربية
الحديثة تربية تريد ان تجنب الطفل أي جهد ومشقه وانها بالتالي عاجزة عن ان تقدم له من المعرفة
ما تقدمه التربية القديمة والحق دون ما يتوهمون فالتربية الحديثة توغل في تعويد الطالب
على الجهد ولكنها تصل الى غايتها عن طريق جعل هذا الجهد جهداً خصيباً ممتعاً حين نربطه
بدوافع الطفل وحاجاته
وليد